15
- نعم الإسلام يجيز لنا أن نهاجم النصيريين في قراهم
30/5/2012
حضرات الإخوة الذين خالفوني الرأي ، في قضية
مهاجمة القرى النصيرية ، واعتبروني وكأني ارتكبت بهذا الرأي ذنبا عظيما، قد لا
يغفره الله لي، ولا لأي أحد يوافقني عليه ..!!؟
أعتذر لكم ( بداية ) : عن طول هذا الموضوع ، لأن
المقام يقتضي تمام البيان ، والشبهات التي أثيرت حول رأيي فيه كثيرة وكبيرة وخطيرة ، ولا بد من الرد عليها .
وقد فعلتُ ذلك بحمد الله دون الإساءة لأحد من الإخوة المشاركين في النقاش ...
وأعتذر ( ثانياً ) عن الخوض مرة أخرى في هذا
الموضوع ... فأنا لا أريد أن ندخل في نقاش بيزنطي ، غير مثمر . لأن ذلك يعني أن
نجادل للجدل ، ونحن منهيون عنه شرعا . فقد جاء في الأثر : "من ترك الجدال وهو
محق بنى الله له بيتا في أعلى الجنة " . وقال صلى الله عليه وسلم : " ما
ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل . ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذه الآية (ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون ) قال الترمذي : هذا حديث حسن
صحيح .
واسمحوا لي أن أعرض عليكم بعض النصوص والآراء ،
فيما هذا النزاع الفكري ، الذي أثير فأثار ، وكثر فيه الأخذ والرد ، أقول وبالله
التوفيق :
1- اقتحام المدن والقرى :
- هاجم النبي مكة ، وفتحها ، وقاتل من قاتله في
داخل مكة ، وقتل خالد امرأة فيها آنذاك .
-
وهاجم النبي خيبر ، فأقفلوا أبواب المدينة وتحصنوا بداخلها ، فحاصرهم النبي ثم
اقتلع المسلمون الباب ، ودخلوها عليهم ، وقتلوا كثيرا من أهلها .
-
وهاجم النبي بني النضير ، وبني قينقاع ، فأغلق هؤلاء اليهود أبواب أحيائهم على
أنفسهم ، وتحصنوا بها ، فحاصرهم النبي حتى نزلوا على حكمه صلى الله عليه وسلم .
وبالتعبير المعاصر ، دام الحصار حتى استسلم اليهود ، وقبلوا بما يحكم فيهم رسول
الله صلى الله عليه وسلم . فأجلاهم عن المدينة .
- وهاجم يهود بني قريظة من يهود المدينة بعد ذلك
، ودام الحصار حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ ، فحكم بقتل رجالهم ، وسبي نسائهم
وذراريهم ، وغنيمة أموالهم .
- وهاجمت
سرايا رسول الله مدنا وقرى لا تعد ولا تحصى منها ، الطائف ، ومنها دومة الجندل
.
- وقاتل المسلمون بني حنيفة أيام حروب الردة في مدنهم وقراهم ، وقُتِلَ مسيلمةُ الكذاب في بستان له باليمامة ...
- وقاتل المسلمون بني حنيفة أيام حروب الردة في مدنهم وقراهم ، وقُتِلَ مسيلمةُ الكذاب في بستان له باليمامة ...
- وبعث النبي غالب بن عبد الله
الليثي في سرية ، قال جندب بن مكيث : كنت فيهم فأمر رسول الله أن نشن الغارة على
بني الملوح بالكديد . إلى
غير ذلك مما لا يحصى من وقائع ، يستدل بها على جواز مهاجمة المدن والقرى ...
والسؤال :
هل المطلوب مني الآن ، أن أناقش أم أعلم من لا يعلم .؟؟
2- قتل النساء والأطفال والشيوخ في الحرب :
- هذا أمر لم أقله أنا من عندي ، وإنما قاله أئمة
الدين ، وقد نقلتُ للمخالف في مقالي السابق ما قاله الجصاص في هذا الشأن.. وقول
الجصاص ليس رجما بالغيب ، فهو أحد أئمة الإسلام ، ولا يصدر قوله عن جهل ولا هوى شخصي.
- وقال علامة المغرب في زمانه ، أبو عمر بن
عبد البر في كتابه ( الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار )قال
رحمه الله: لم يختلف العلماء فيمن قاتل من النساء والشيوخ أنه مباح قتلُه ، ومن
قدر على القتال من الصبيان وقاتل قُتِل. وعلى هذا جمهور
العلماء
- ونقل ابن عبد البر أيضا أن ابن
أبي شيبة قال: إذا قاتلت المرأة من المشركين أو خرجتْ معهم إلى دار المسلمين فتقتل
.
- ثم خلص بن عبد البر إلى أن
قال : قَتَلَ رسولُ الله نساءً يوم قريظة ، ويوم الخندق ، وفي سرية زيد بن حارثة
إلى بني فزارة ، حين جهزه النبي صلى الله عليه وسلم وأرسله إليهم ، فأوقع بهم زيد ،
وقتل أم قِرْفَة زوج مالك بن حذيفة بن بدر الفزاري ، وكانت معظَّمةً فيهم . فيقال
ربطها زيد إلى فرسين وأجراهما فتقطعت بينهما .
- أقول : قالت عائشة وكانت أم قِرْفَة جهّزتْ
أربعين راكبا من ولدها وولد ولدها ، الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقاتلوه ،
فأرسل إليهم رسول الله زيد بن حارثة فقتلهم وقتل أم قرفة وأرسل بدرعها إلى رسول
الله فنصبه بالمدينة بين رمحين .
- وقَتَلَ النبيُّ يوم الفتح
قينتين كانتا تُغنيان ابن خَطَل بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم .
- وسئل رسول الله عن أهل الدار
من المشركين ، يُبَيَّتُون فيُصابُ من ذراريهم ونسائهم فقال رسول الله ( ( هم منهم
) ) وربما قال ( ( هم من آبائهم ) ) .
- ويوم حنين ، قتل دريد بن الصمة ، وهو شيخ
بلغ عمره (120) عاما ، وتهدل حاجباه على عينيه . لأنه شارك في تلك المعركة برأيه ،
وكان هو الذي اختار مكان المعركة ، وهو الذي أشار بالبدء برشق السهام في وجوه
المسلمين ، مما سبب لهم هزيمة ، ومقتلة كبيرة ...
- ونظرا لهذه النصوص ، وما يعارضها من نصوص أخرى
، تنهى عن قتل النساء والشيوخ ، وقد يصعب على العامة التوفيق بينها ، فلزم الرجوعُ
في الأمر إلى علماء السلف ، فهم أقرب عهدا بصدر الإسلام ، وأعرف بالتوفيق بين
النصوص منا .
ولعل أطرف ما رأيت في هذا الموضوع ، ما نُقِلَ عن
اثنين من أئمة المالكية ، هما ابن الماجشون وسحنون ، فقد كانا يقولان : أمانُ
المرأةِ موقوفٌ على إجازة الإمام له ، فإن أجازه جاز ." يعني أنَّ الأصلَ أن
تُعامَلَ المرأةُ في الحرب بحسب ما تقتضيه مصلحة الإسلام والمسلمين ، فإن كانت
المرأة تشكل خطرا علينا قتلناها كما نقتل الرجل ونحن كارهون .
نظير ذلك ، أن الإسلام يكره الرقَّ ، ويميل إلى
تحرير البشرية ، ومع ذلك استرق المسلمون الأسرى، وسلبوهم حريتهم، وهم كارهون لذلك
. لأن روح الإسلام أميل إلى عدم ضرب الرق على الناس . ولكن المسلمين اضطروا إلى
استرقاق الأسرى ، لمعاملة أعدائهم بالمثل .. وهذا عدلٌ ، ولكن الإسلام أميل إلى
الفضل ، فما أكثر ما جاء في كتاب الله من حث على تحرير الأرقاء ، ففتح للمسلمين
أكثر من ثغرة ، تقودهم إلى تحرير الرقيق ، فقد أمرنا بتحرير رقبة عند الحنث في
اليمين ، وعند الظهار من الزوجة ، وعند القتل الخطأ ... وما زال القرآن يحث على
تحرير الرقيق ، حتى جعله أضمن وسيلة لاجتياز الصراط يوم القيامة بأمان ، قال تعالى
( وما أدراك ما العقبة * فك رقبة *) ...
وهذا هو فقه الواقع ، الذي بات يغيبُ مع الأسف عن
علم الكثيرين . فليس من الحكمة في شيء ، أن ننهى عن قتل المرأة ، وهي اليوم في
الحرب أخطرُ من الرجال ، ورب جاسوسة واحدة تسببت في إسقاط امبراطورية كاملة .!؟
ولعل علماء المالكية نزعوا في هذا الرأي الرشيد
أيضاً ، إلى إباحة النكاية بالعدو بأية وسيلة .. خصوصا إذا كان هؤلاء النسوة ممن
يشجعن على مداهمة المسلمين ، وإخافتهم ، وذبحهم بوحشية في داخل بيوتهم ، كما هو
الحال اليوم في الحولة ومن قبلها حمص وحماة وقرى في جبل الزاوية ، وفي كافة أرجاء
سوريا ، مدنها وقراها...
ومع ذلك فأرجو من الإخوة المخالفين أن يحسنوا
فهمَ كلامي ، فأنا لم أقل بقتل النساء والأطفال بعامة ، وإنما قصدتُ قتل النساء
النصيريات خاصة ، لأنهن محارباتٌ ، يُشجّعن أبناءهن على ذبح أبنائنا ونسائنا في
البيوت ، ثم يزغردن لهم بعد عودتهم من ارتكاب الجريمة ، وينثرن على رؤوس القتلة
الورودَ والأرز والعطور ، ويحثونهم على المضي قُدُماً في ذبحنا نحن المسلمين ..
نعم يا سادة ، أنا أقول بقتل هؤلاء النسوة
المشجعات على قتلنا وذبحنا بالسكاكين .. وأذكر كل من يخالفني بقول رسول الله صلى
الله عليه وسلم ( من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمة ، لقي الله يوم القيامة ،
مكتوبا على جبينه : آيس من رحمة الله ) وأذكرهم أيضا بقول عمر : ( لو أن أهل صنعاء
تعاونوا على قتل مسلم لقتلتهم به جميعا ) .
3- الحرق والقطع في الحرب :
وأقول هنا لمن لا يجيز قطع شجر العدو ، وحرق
مزارعه .. أقول لهؤلاء : ليس الدين بالرأي ، فحيث تكون مصلحة المسلمين ، فثم
الإسلام ... فلما دعت المصلحة للقطع قطع النبي النخل ، وحين دعت المصلحة إلى الحرق
حرق .. من ذلك ما رواه أسامة بن زيد قال بعثني رسول الله إلى أرض يقال لها ( (
أبنا ) ) فقال ائتها صباحا وحرِّقْ ... ومن ذلك أنه قطع نخل بني النضير وأحرقه كما
سبق أن أشرت إليه في مقالي السابق . وكفى بفعل رسول الله دليلا على جواز ذلك .
وأذكر من غالط في هذه الجزئية ، فزعم ( أن الآية لم
تأمر بالحرق ، وأن الأحاديث جاءت بعد ذلك بالنهي عن قطع الشجر والثمر )
أذكره بأن آية الحشر ( ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها ، فبإذن
الله ، وليخزي الفاسقين ) هذه الآية نزلت قبل فتح خيبر ، وقبل فتح مكة ، وقبل سرية
زيد على بني فزارة ... وقد وقع قتل النساء في هذه المواقع كلها ، بأمر الرسول
وإقراره . مما يدل على جواز ذلك استثناء من القاعدة ، للمصلحة الطارئة .
4 - المثلة بعد القتل :
فعن ابن
مسعود عن النبي قال : أعف الناس قتلة أهل الإيمان . يعني لا يمثلون .
ولكن لما قُتِل حمزة عم النبي يوم أحد ، ومُثِّل
بِه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَئِنْ ظَهَرْنا عَلَيْهمْ
لَنُمَثِّلَنَّ بِثَلاثِينَ رَجُلا مِنْهُمْ " فلما سمع المسلمون بذلك ،
قالوا : والله لئن ظهرنا عليهم لنمثلنّ بهم مُثْلة لم يمثِّلْها أحدٌ من العرب
بأحد قطُّ .. فأنزل الله ( وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا
عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ * واصبر وما
صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ، ولا تك في ضيق مما يمكرون*) . فقال رسول الله :
بل أصبر . لأن طلب الصبر كان بالنسبة إليه على العزيمة ، لقوله تعالى ( واصبر)
والأمر إذا أطلق أفاد الوجوب .. أما بالنسبة لبقية المؤمنين ، فقد راعى الله تعالى
ضعف حالهم ، ولم يمنعهم من التمثيل
بخصومهم ، وإنما ندبهم إلى ذلك ندبا . فبقي الحكم بالنسبة لعامة المسلمين على
الإباحة . فنحن مخيرون في ذلك بين الأمرين : التمثيل بالخصوم كما مثلوا بقتلانا ،
أو الصبر والعفو عنهم ...
أيها الإخوة الذين يخالفونني في
الرأي :
أدعوكم
دعوة مخلصة إلى قراءة فقه الواقع ، ولو فعلتم لعلمتم أن الواقع الذي نهى فيه النبي
عن قتل النساء ، لم تكن فيه النسوة يشاركن في الإجرام ، كما تفعل النساء النصيريات
اليوم .. والقاعدة الشرعية تقول : الأحكام العرفية تتبدل بتبدل الأعراف والأزمان .
وأرجو أن تتذكروا أيها الأحباب : إن البوطي لم
يحسن قراءة الواقع ، فأخذ النصوص التي تحرم الخروج على الحاكم المسلم ، فنزلها على
واقع مخالف تماما ، فاعتبر الخروج على بشار الأسد المارق القاتل الكافر ، كالخروج
على الخليفة المسلم العادل عمر بن عبد العزيز ... فأُصِبْنَا منه بمقتل ، لقد
أقنعَ البوطي أكثر من مائة ألف من أتباعه في دمشق العاصمة ، بأن ما يفعله الثوار
محرم شرعا ، وأن من يموت منهم يموت على معصية ... مما كلفنا عشرات الآلاف من
الشهداء ، ولولا هذه المنطق الخشبي ، لكان للسوريين شأن آخر مع هذه العصابة المجرمة
...
أما بعد يا إخوتي:
فهذا رأي رأيته ، واقتراح عرضته ، وأنا غير
متقوِّلٍ على الدين فيه . معاذ الله ، أن أقول بقول ليس عليه طابع الكتاب والسنة ،
فالنصوص أمامكم ، والوقائع تفسرها ... فلا يزعمنَّ زاعمٌ أن الإسلام يحرم على
المسلم أن يعامل عدوه بالمثل ، حاش لله ، فهذا حكم يجافي العدلَ ، والعدلُ جزء من
الحق الذي أنزله الله في محكم كتابه ، قال تعالى : ( وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ
وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ) .
ومع ذلك ، فإن كان للسياسيين والعسكريين رأي آخر
، أو كانت الموازنات الدولية لا تسمح لنا باستخدام هذا الحق ، وتمنعنا من معاملة
النصيريين بالمثل ، فليس أمامنا إذن إلا أحد حلَّين :
الحل الأول : أن نبقي
رقابنا تحت رحمة هذه العصابة ، ونصبر على عمليات القتل والمداهمة والاعتقال
والتشريد والاغتصاب والإهانة والإذلال ... ونقتصر في حراكنا على ممارسة الهتاف
والتصفيق ، ونقابل الرصاص بصدورنا العارية ، ويقابلنا النظام بوحوشه الضارية ،
وتستمر بيننا وبينه المشكلة على هذه الوتيرة إلى ما شاء الله .. ويخذلنا المجتمع
الدولي كذلك إلى ما شاء الله .. لأن هذا المجتمع بلا ضمير ولا رحمة ، ولا قيم الإنسانية
، ولا مانع لديه أن يقتل من الشعب أكثر من مليون ، فقد تخلى العالَمُ ذات يوم عن
روندا ، في قضية كقضيتنا تماما ، ودفع إلى حرب أهلية بلغ عدد ضحاياها 800 ألف
مواطن .
الحل الثاني : أن ننقل
المعارك إلى قرى جبال النصيرية ، ونشن عليها حرب عصابات ، على طريقة :( اضرب واهرب
) ونستمر على هذا المنوال ، إلى أن يقتنع النصيريون ، أنه لا بقاء لهم في سوريا
إلا بتخليهم عن عائلة بيت الأسد ، والقيام باغتيال هذا الخنزير بشار ، وإنقاذ
أنفسهم ، وإنقاذ البلد مما ينتظرها من خراب وموت ودمار . ونظراً لما أعرف من حب
هؤلاء القوم للحياة ، وتمسكهم بالبقاء فيها ، أرى أنهم لن يصبروا على الأسد ، فما
هي إلا غارة على قرية أو قريتين ، حتى تتغير المواقف ، وتتخلص الطائفة من هذا
الرئيس المشؤوم ، وتقوم بقتله ، لتكفر عمليا عن ذنوبها وخطاياها في السير وراءه كل
هذه الشهور ، المليئة بالإجرام .***
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق