الثلاثاء، 23 سبتمبر 2014

17 - مع الإخوةِ المعترضين على الطَّرحِ الطائفي

17 - مع الإخوةِ المعترضين على الطَّرحِ الطائفي
31 / 5 / 2012
1 - أشكرُ الإخوة والأخوات الذين تفضلوا بالردِّ على ما كتبتُ في مقالي ( نعم الإسلام يجيز لنا أن نهاجم النصيريين في قراهم ) وأخص بالذكر منهم : الأخت بنت الحرمين ، والأخ محمد رجب عفارة ، والأخ مؤيد الأحرار ، والأخت سورية حتى النخاع . أشكرهم لأنهم أولوا مقالي الاهتمامَ اللائق به ، فهو عندي من الأهمية بمكان ، وإن خالفني في الحكم عليه كلٌّ من الأخوين الكريمين : التلِّي ، وأبو الحمزة ... عفا الله عني وعنهما ..
2 – كنتُ أخذتُ العهدَ على نفسي ، أنْ لا أعودَ إلى الكتابة في هذا الموضوع مرة ثانية ، إلا إذا اضطُررتُ إلى الكتابة فيه ... ولكنني بعدَ اطلاعي على التعليقات المؤيّدة ، والردود المضادَّة ، تبيَّن لي أنَّ مَنْ وافقني كان أشدَّ حماساً مني لهذا الرأي ، المطروح على صفحة هذا المنتدى الكريم . وأنَّ مَنْ خالفني أساءَ فهمي ، وظن بي سوءاً ، لدرجة أنه ظن بي السوء ، واستباح شتمي .. وهو يعلم أن بعض الظن إثم ، وأن شتم المسلم فسوق ، وقتاله كفر ...
3 – أيها الأحباب ، بارك الله فيكم ، نحن جميعا شركاء في نضال مقدس ، من أجل استرداد حريتنا السليبة من مغتصبيها ... يعني – بكل بساطة – نحن نناضل من أجل أن نكون أحراراً ، وليكون من حقنا كأحرار ، أن نقولَ ما نعتقد أنه حق ، من غير حجر علينا ، ولا مصادرة على آرائنا .. وإذا بنا ونحن في مَعْمَعَانِ الثورة ، نُمنَعُ من إبداء آرائنا ، ونُهدَّدُ بحذفِ ما نكتبُ ، و نُعامَلُ بنفسِ الأسلوب الذي كان يعاملنا به النظام البائد ، فنُتَّهَمُ بالعمالة للنظام ، ونُشَبَّهُ بأخسِّ رجلين من عملائه : البوطي وحسون .. وهذا هو أسلوب النظام الذي نحاربه ، ونثور عليه ، ونضحي بالأموال والأولاد والأرواح للإطاحة به ، والتحرر من أغلاله ... فإن كان شرطُ النَّشرِ في هذا المنتدى الثوري ، أنْ لا أكونَ حرّاً في إبداء وجهة نظري ، فالله الغنيُّ عن الكتابة فيه ، لأنني لن أتردد في كتابة ما أعتقد أنه الصواب ، ولن ألزم أحداً من القراء برأيي ، فهم في قبوله أو رفضه بالخيار . ولكلٍّ وُجهةٌ هو مُوَلِّيها .
أما أنْ يَشْتُمَ بعضُنا بعضاً ، ويُخوِّنَ أحدُنا أخاه ، لأقل همسة ينبس بها المُخالِفُ ، فهذا شيءٌ لا يرضي ربَّنا ، ولا يَخدُم ثورتنا .. وينبغي أن نخرج من تلك الدائرة اللعينة ، التي حصَرَنا فيها النظامُ منذ أكثر من أربعين عاما ، كان فيها لا يبخل على مخالفيه ، بتهم الخيانة والعمالة والتجريم ...
4 – كانت غايتي الرئيسية ، من طرح هذا الموضوع ، أن أبين أن الإسلام لا يرضى للمسلمين أن يُعطَوا الدَّنِيَّةَ في دينهم باسم الدين ، فاللهُ تعالى يقول ( ولله العزةُ ولرسولِهِ وللمؤمنين ) .. ولكنني وجدت آراء تقول (لا) للطائفية باسم الدين ... وهذا خطأ . فقد حارب المسلمون طائفة الزنادقة ، وحاربوا طائفة المرتدين في خلافة أبي بكر رضي الله عنه ، وحاربوا طائفة الخوارج .. وكان علي رضي الله عنه من أشد من حاربهم .
5 – الوضع في سوريا الآن مختلف ،  فالحكم فيها ليس إسلاميا ، وإنما هو مدني ، والتعامل بين أبنائها كان في الأصل قائماً ، على المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات ، وأن لا يعادى مواطنٌ مواطنا لخلاف بينهما في الدين ، وأن من يدعوا إلى التعامل مع غيره من السوريين على أساس طائفي ، يُحاسَبُ على ذلك محاسبةً قانونية ... هذا هو الحال في سوريا ، قبل عهد آل الأسد ... وإقامتهم حكما طائفيا ، دام أربعين سنة ، عانينا منه الأمرَّين ...
6 – إنَّ تَمَسُّكَ النظام بالطائفية ، حمله على تحويل الجيش ، وجهاز المخابرات بكل فروعه إلى الطائفية ، واختار النظام كل أفراد الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري تقريبا من الطائفة النصيرية ، أو الموالين لها من أراذل الطوائف الأخرى ، ثم عَمِلَ لهم غسيل دماغ ، فجعل ولاءهم للقائد الطائفي الرمز وليس للوطن .. وطبلت له الطائفة النصيرية وزمرت ، وعبدته من دون الله ، حتى لم تعد تتصور أن هنالك ربا إلا حافظ الأسد وأبناءه من بعده ... ومع كل الطائفية التي أخذ بها النظام الأسدي ، فقد كان يُخوِّنُ كل من تكلم في الطائفية ، ويتهمه بالعمالة لأمريكا وإسرائيل ... واحتملنا ذلك أربعين سنة .. ثم نفد الصبر ، وتفجر بركان الثورة . فماذا كان بعد قيام الثورة ..؟؟
7 – الذي كان يا سادة ، أن النظام بدأ يتعامل مع الثورة طائفيا ، فسرَّح الطيَّارين السُّنَّة ، واستعاض عنهم بطيَّارين من إيران .. وسرح كثيراً من ضباط السُّنَّة وأجلسهم في بيوتهم ، وعين مكانهم وكلاءهم من طائفته .. وقام بعمليات فرز خبيثة ، ففرز عناصرَ الجيش بحسب المدينة التي يسكنها العسكري ، فوجه أبناء حمص لقتل أبناء درعا ، وأبناء درعا لقتل أبناء حمص .. وأبناء حلب لقتل أبناء دير الزور ، وأبناء دير الزور لقتل أبناء حلب .. وهكذا ...
ثم قام النظام الطائفي بإجراءات عدة للتمويه على العسكريين ، وتمرير خيانته وطائفيته في محاربة شعبه .. فسحب منهم الهواتف الجوالة ، ومنعهم من مشاهدة التلفزيون ، وأوقف الإجازات لكل العساكر . وكان يقول لهم : هنالك جماعاتٌ مندسة من اليهود وبعض الخونة من أعداء سوريا ، وقد دخلوا المدن السورية ، ويجب القضاء عليهم ... أوَلَيْسَتْ هذه خيانةً وطنية تُسجَّلُ على النظام ، كما تُسجَّلُ على كل من وافقه ووقف معه من الطائفة النصيرية ؟
8 – في هذه الثورة ، لم يتعامل النظام مع الثورة إلا بنفسٍ طائفي ، ولعب على الورقة القذرة منذ اللحظة الأولى ، وتحالف مع إيران وحزب اللات على أساسها ... ونحن قلنا (لا) للطائفية منذ اللحظة الأولى . وكان هدفنا من عدم مقابلة الطائفية بالطائفية ، هو أن نكسب التعاطف الدولي ، وأن لا نعطي للنظام مبرراً للمبالغة في استخدام القوة معنا ... وها نحن منذ 15 شهراً ، وما زلنا متمسِّكين بعَدمِ الردِّ على النظام بنَفْسِ أسلوبه ، حتى قُتِلْنَا على الهُويَّة ، ونُحِرَ أطفالنا ، ودهس شبابنا بالدبابات كما فعل في جبل الزاوية منذ أيام ، ورمى بعض الناشطين من فوق الدور العشرين كما حدث في حلب ودير الزور ، وهاجم قرانا وأحياءنا ، واقتحم المنازل  على نسائنا ، فانتهك أعراضهن ، ثم قتل أبناءهن أمام أعينهن ، وهم يصرخون أمام ضحاياهم  قائلين : هذه ثارات علي والحسين ، سنقتلكم يا كلاب السُّنَّة حتى لا نبقي واحداً منكم ..
ومع كل هذه الهمجية والوحشية التي عاملنا بها النظام ، ومع أنه قد تجاوز كل الخطوط الحمراء في قمع الثورة ...فإن المجتمع الدولي لم يقف معنا حتى الآن ، إلا بتصريحات جوفاء ، لا تقدم ولا تؤخر ..
ومع كل هذا وذاك ، فما زلنا نسمع من يقول : الدين لا يبيح ضرب القرى النصيرية ، وأنا معهم في هذا لو لم يكونوا محاربين ... ولكنهم محاربون ، أو بتعبير أدق ، إنهم في حكم المحاربين ، فهم حين يرسلون أبناءهم لقتلنا ، ويشجعونهم على نحر أبنائنا ، وانتهاك أعراضنا ، وحين تزغرد نساؤهم اعتزازا لشبابهن القَتَلة ، ويقلن لهم : اضربوا الخالدية ... اضربوا الخالدية ... ولهذا أرى أن هؤلاء محاربون ، ومشاركون في كل الجرائم الواقعة علينا .
ومبدأ العدل في الإسلام ، يبيح معاملة الخصم بالمثل ، ومقابلة العدوان بالعدوان ، عملا بقوله تعالى ( ومَن اعتدَى عليكمْ فاعتدوا عليهِ بمثلِ ما اعتدى عليكمْ ) ...
وكما يُقتَلُ أطفالُنا ونساؤنا بالقصف العشوائي ، وتُهدم عليهم البيوت ، فكذلك يجوز أن يقتلوا هم بنفس الطريقة .. وهذا ما أراه وأقول به ، وإن خالفني الآخرون بغير دليل .. مع الأخذ بعين الاعتبار ، أن نكون قادرين على ذلك .. أما إذا كنا عاجزين عن مثل هذا الرد .
أما إذا كان هذا الردُّ سيكلفنا خسائر أكبر مما نحن فيه ، وبدون فائدة . فأنا أنهى عنه ، ولا أنصح به ... لا لأن الإسلام يُحرِّمُ مهاجمة قراهم ، فقد علمنا أنه لا يُحرِّمُه ، وإنما أنهى في حال العجز عن ذلك ، عملا بقاعدة شرعية تقول : لا يُدْفَعُ الضَّررُ بضررٍ أكبرَ منه . ولا تُزال مفسدةٌ لا يمكنُ إزالتها إلا بمفسدة أشدَّ منها  .
9 – وأخيراً ، أقول للأخت " سورية حتى النخاع " التي أقدرها وأحترم رأيها : من كان معنا من الطائفة فليعتزل قراهم ، وليسكنوا في مدن الساحل ، فنحن لم نَدْعُ لمداهمة أهل  المدن الساحلية ، ولا بأس أن يشاطرنا المسالمون من أبناء هذه الطائفة بعض المعاناة ، فقد شرد منا أكثر من مليوني سني .. وأرجو من الأخت الكريمة أن تطمئنَّ إلى أنني حين أفتي في قضية شرعية ما ، فلست متطفلا على موائد العلم ، وإنما أنا من أهل الدار ... وشكرا .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق